الأحد، 29 مارس 2015

لماذا الإصرار من عالم الشياطين لمُخالفة أمر ربهم بالاستماع إلى الملأ الأعلى؟

 
سأل سائل فقال:
لماذا الإصرار من عالم الشياطين لمُخالفة أمر ربهم بالاستماع
إلى الملأ الأعلى؟
وأجاب الذي عنده علم الكتاب فقال:
وذلك تصدية للبشر حتى لا يصدقوا برسل ربّهم كون الشياطين سوف يُعلمون بعض العرافين بخطفةٍ غيبيّةٍ حقيقية 
ولكنهم قالوا لأوليائهم لا تخبروا الناس أن الشياطين هم الذين أعلموكم بذلك حتى لا يُكتشف أمركم أنكم أولياؤنا؛ 
بل قولوا للناس أنكم عَلِمْتم تلك الجملة الغيبيّة من خلال علمكم بحركات النجوم،
 ولذلك قال محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم: 
[كذب المنجّمون ولو صدقوا]،
  أي كذب المنجّمون أنهم عَلِموا بتلك الكلمة الغيبيّة من خلال رصدهم لحركات النجوم ولو صدقوا في الخطفة الغيبيّة فحدثت،
 فلا علاقة لما علموه بحركات النجوم؛ بل أعلمهم بتلك الخطفة أولياؤهم من شياطين الجنّ. ولذلك قال الله تعالى: 
 {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ﴿٢٢١﴾ تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٢٢٢﴾ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴿٢٢٣﴾} 
 صدق الله العظيم [الشعراء].
وكثيرٌ من المُسلمين يتبعون كثيراً من أولياء الشياطين من الذين يخبروكم عن أسمائكم وأسماء آبائكم ونسائكم وإنما ذلك هو الضلال البعيد، فلو تذهب إلى مشعوذٍ لأخبرك باسمك واسم أبيك وأمك وليس ذلك حدثاً غيبياً؛ بل أخبر العرّاف قرينك الذي جاء معك إن كنت من الذين قيَّضَ الله لهم قرناء من الشياطين، أو تلقاه من الشياطين الموجودين في منطقتك لكون ذلك الحدث قد حدث ولم يكن في علم الغيب، وإنما يدهشك كيف علم بذلك العرّاف وهو ليس من منطقتك ولا يعرفك ولا يعرف أسرتك! وقد أفتيناك بالحقِّ أنّ العرافين المشعوذين يخبرونهم الشياطينُ بذلك لكون الشياطين يسعون الليل والنهار ليطفئوا نور الله وهم لا يسأمون، ويريد شياطين الجنّ والإنس أن يضلّوا الجنَّ والإنسَ عن الصراط المستقيم، وصدقهم الذين لا يعلمون من الجنّ والإنس بسبب ظنهم أنهم لا يقولون على الله كذباً، ولذلك قالوا:
 {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجنّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً (6)} 
 صدق الله العظيم [الجن].
واعترفوا أنهم كانوا يصدقون شياطين الجنّ والإنس بأنّهم صالحون لا يقولون على الله إلا الحقّ ولذلك كانوا يصدقون افتراءهم على الله كذباً 

وهم لا يعلمون أنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر والمكر، ولذلك قالوا:
 {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5)} 
صدق الله العظيم [الجن].
ويا أيها النجفي 
 فهل تُقارن الإمام المهدي بالمشعوذين العرّافين المنجّمين أولياء الشياطين؟ وإنما تقول غير أنّ الإمام المهدي هو أفضل منهم! أفلا تتقون الله ربّ العالمين؟ 
ألا والله الذي لا إله غيره لو يتبع المهديّ المنتظَر الحقّ أهواءكم لفسدت السماوات والأرض، وهيهات هيهات.. فلا وحيٌ جديدٌ من بعد القُرآن المجيد،
 فلا أقول لكم أني أعلمُ الغيب بل نُعلمكم بالبيان الحقّ للكتاب وما كان فيه من علوم الغيب فنحن نبيّنها للناس
 ونأتي بالبرهان من ذات كلام الرحمن من محكم القرآن،
 كمثل أن أخبركم بنتيجة الذين يعبدون الشياطين وهم لا يعلمون أنّ أربابهم المفترين شياطين لكونهم يقولون لهم أنَّهم من ملائكة الرحمن 
المُقربين حتى إذا سألهم الله يوم القيامة عمّا كانوا يعبدون قالوا إننا كنا نعبدُ ملائكتك المقربين قربةً إليك ربنا لكونهم
 من أفتونا أن نعبدهم قربةً إليك ربنا، ومن ثم سأل الله ملائكته المُقربين وقال الله تعالى:
 {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجنّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41)}  
صدق الله العظيم [سبأ].
ولم يكونوا يعلمون أنهم الشياطين ألدّ أعداء الله ربّ العالمين، لأنهم غاوون ويقصدون أنهم ملائكة الرحمن المقربين!

 وما كان لملائكة الرحمن أن يأمروهم بعبادتهم من دون الله ولكن الغاوين لا يعقلون،
 ثم أدرك الغاوون كيف خدعهم الشياطين فأغووهم عن عبادة ربهم الحقّ الذي خلقهم وحده لا شريك له. وقال الله تعالى:
 {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِربّ العالمين (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (99)} 
 صدق الله العظيم [الشعراء].
وهذه نتيجة الذين يعبدون العبيدَ قربةً إلى ربهم، أولئك وقعوا في مصيدة الشياطين وما كان لعبدٍ يتقي الله في السماوات والأرض أن يقول ما ليس له بحقٍّ كونه يعلمُ إنما هو عبدٌ مهما كرَّمه الله فهو ليس إلا عبدٌ من عبيد الله الصالحين، ولن تجدوه في الكتاب يأمر الناس أن يعظِّمونه بغير الحقّ فيدعونه من دون الله، ولن يأمر الناس أن يتخذونه إلهاً من دون الله، بل تجدوه يأمر أتباعه أن يكونوا ربانيين فيعبدون ربهم الله وحده لا شريك له مُخلصين لهُ الدين وأن يتنافسوا في حبِّ ربهم وقربه، ويحذرهم من الشرك بالله، ويأمرهم أن يبتغوا إلى ربهم الوسيلة فيأمرونهم ما أمرهم الله به؛ 
 المؤمنين به من عباده:
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
 صدق الله العظيم [المائدة:35].
ويعلمهم أن يتبعوه في تنافس العبيد إلى الربّ المعبود أيهم أقرب من غير أن يعظَّموا عبداً بغير الحقّ فيجعلوه بينهم وبين الربّ المعبود 

فيعتقدون أنه لا يجوز لهم أن يتجاوزوه في التنافس إلى الرب. ويا سُبحان ربي! 
إذاً لماذا ابتعث الله رسله إلى العبيد إلا ليعلموهم بطريقة الهدى الحقّ إلى الربّ المعبود فيتبعوا طريقة هديهم إلى ربهم كما يفعل الأنبياء والمُرسلون.
 تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴿٥٦﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورً‌ا ﴿٥٧﴾}
 صدق الله العظيم [الإسراء].
ولا ينبغي لنبيٍّ ولا رسولٍ أن يقول لأتباعه:
لا ينبغي لكم أن تنافسوني في حبِّ ربي وقربه ويقول أنه الأولى بالله من دونهم. 
إذاً لماذا ابتعث الله رُسله إلى عبيده فهل ليأمروهم أن يعظمونهم بغير الحقّ من دون الله؟ أم يأمرونهم أن يتبعوا طريقة هداهم إلى ربهم، أفلا تتقون؟ 
بل لم يبعث الله رسله إلى العبيد إلا ليخرجوهم من عبادة العبيد إلى الربّ المعبود وحده لا شريك له.وتجدون أنّ الأنبياء يحذروا قومهم بما حذر الله به الأنبياء أنفسهم فيقول لهم ما قاله الله لمحمد عبده ورسوله: 
 {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
 صدق الله العظيم [الزمر:65].
وللأسف فقد وجدنا في محكم علم الغيب في الكتاب أنه لا يؤمن أكثر الناس بربهم إلا وهم به مشركون بعباده من دونه. وقال الله تعالى:
 {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 
صدق الله العظيم [يوسف:106].
وقد أخبركم الله بعلم الغيب الحقّ في محكم كتابه عن نتيجة المشركين بربهم عباده المُقربين الذين يدعونهم ليشفعوا لهم عند ربهم أو يأتون لزيارة قبورهم فيسألوهم أن يشفوا أمراضهم ويتوسلون بهم إلى ربّهم وهم غافلون لا يسمعون دعاءهم شيئاً ولو سمعوا لما استجابوا، وقال الله للمُشركين به عباده المُقربين:
 {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ۚ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ۖ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿٢٨﴾ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴿٢٩﴾} 
 صدق الله العظيم [يونس].
وهنا تجدون أنّ عباد الله المُقربين كفروا بعبادتهم لهم من دون الله بتوسل الدُعاء وكأنهم أولاد الله بينما هم عباد مكرمون 

وليس لهم من الأمر شيئاً. وقال الله تعالى:
 {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا(82)} 
 [مريم].، 
وسوف يكفرون بعبادتهم فيقولون: 
 {مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿٢٨﴾ فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴿٢٩)}  
صدق الله العظيم [يونس].
ويقصد المكرمون بقولهم:
 {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} 
 صدق الله العظيم.
 أي فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم أننا لم نأمركم بذلك يوم كنا معكم في الحياة الدُنيا، فإن نحن أمرناكم بتعظيمنا بغير الحقّ وقلنا لكم ما ليس لنا بحقّ فإن قلنا لكم ذلك فقد علمه الله. وإنما أشركتم بنا من بعد أن توفانا الله وكنا عن عبادتكم ودُعائكم لنا من دون الله لغافلين. وكان ردّ جميع عباد الله المقربين الدعاة إلى الصراط المستقيم هو كمثل رد رسول الله المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وعلى أمّه وآل عمران وسلّم وآله،
 وقال الله تعالى:
 {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} 
 صدق الله العظيم [المائدة].
وكذلك ردّ الأئمة والأنبياء وعباد الله المقربين للذين يبالغون فيهم من بعد موتهم بغير الحقّ فيدعونهم من دون الله من بعد أن توفاهم الله فهم غافلون عن عبادتهم ودعائهم لهم مع الله، ولذلك قالوا:
 {مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ(29)}  
صدق الله العظيم، 
ولو لم يزالوا فيهم إذاً فسوف ينهونهم عن ذلك ويغضبون غضباً كبيراً لكون ذلك منافي لما ابتعثهم الله به لدعوة العباد إلى عبادة الربّ المعبود، ويقولون لهم: 
 {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} 
صدق الله العظيم [الجن:18].
وذلك مما أعلمه من علوم الغيب عن نتائج الذين أشركوا بربهم عباده المُقربين. وأما الذين يعبدون الأصنام فتمّ السؤال إليهم من ربّهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله؟ ويقصد الأصنام وكان ردهم وردّ آبائهم وردّ أنبيائهم في علم الغيب: 
 {رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}
 صدق الله العظيم [القصص:63].
فأما الذين عبدوا الأصنام فألقوا باللوم على آبائهم الأولين لكونهم كانوا يعتقدون أنّ لهم حكمة بالغة في عبادة الأصنام فيزعمون أن آباءهم هم أعلمُ وأحكم منهم، ولذلك أصرّوا على أن يتَّبعوا آباءهم الاتّباع الأعمى، وما كان قولهم لرسل ربّهم إلا أن قالوا:
 {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} 
[يونس:78].  
وقال لهم أنبياء الله:
 {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴿٧٢﴾ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴿٧٣﴾ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ﴿٧٤﴾}
 [الشعراء]، 
وقال الله تعالى: 
 {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَإ اِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ(23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ(24)}
 صدق الله العظيم [الزخرف].
ولكنكم تجدون في علم الغيب أنّهم ألقوا باللوم على آبائهم بين يدي الله، وقالوا:  
{{{رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا}}}،
 ومن ثم اعترف آباؤهم الأولون بأنهم أغووا ذرياتهم بسبب أنهم صنعوا تماثيل لعباد الله المُقربين من بعد موتهم فيدعون تمثاله من دون الله!
 ولذلك اعترف آباؤهم بإغواء ذرياتهم وقالوا:{أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} 
ومن ثم ردّ عليهم عباد الله المُقربون وقالوا:
 {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}  
صدق الله العظيم،
 وذلك هو البيان الحقّ لقول الله تعالى: 
 {رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}
 صدق الله العظيم، 
فذلك مما أعلمه من أحداث علم الغيب في الكتاب عن الذين لا يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون به عباده المُقربين.
وأنا المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّكم أدعوكم إلى ما دعاكم إليه عبد الله ورسوله المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وعلى أمّه 

وآل عمران وسلّم، وقال الله تعالى:
 {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} 
 [المائدة:72].
وقال الله تعالى: 
 {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}
 [المائدة:17].
وقال الله تعالى: 
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}
  صدق الله العظيم [آل عمران:59].
وكذلك أدعو المُسلمين الاُميين من أتباع جدّي النبيّ الأميّ محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- إلى ما دعاهم إليه والناس أجمعين، 

وقال لهم نفس الأمر الذي تلقَّاه عبد الله ورسوله المسيح عيسى ابن مريم: 
 {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} 
 صدق الله العظيم [المائدة:72].
ولا ينبغي للإمام المهدي أن يفرّق بين دين رسول الله المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وعلى أمّه وآل عمران وسلمُ تسليماً وبين دين جدّي محمد رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله الأطهار وسلّم تسليماً، ولا ينبغي لي أن أفرّق بين دين رسول الله وكليمه موسى صلّى الله عليه وآل موسى وآل هارون وأُسلّم تسليماً، ولا ينبغي لي أن أفرق بين دين محمد رسول الله وخليل الله إبراهيم وجميع الأنبياء والمُرسلين صلّى الله عليهم وآلهم الطيبين وجميع التابعين للحقِّ إلى يوم الدين؛ بل أنا الإمام المهديّ المنتظَر أدعو البشر إلى ما دعاهم إليه كافة الأنبياء والمُرسلين لا نفرّق بين أحدٍ من رُسله حنيفاً مُسلماً وما أنا من المُشركين، وما ينبغي للمهديّ المنتظَر الحقّ أن يُخالف هدي الأنبياء والمُرسلين. تصديقاً لقول الله تعالى:
 
 {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)} صدق الله العظيم [الشورى].
وجميع الرسل يدعون البشر إلى ما يدعوهم إليه المهديّ المنتظَر أن اعبدوا الله ربي وربكم فإنه من يشرك بالله فقد ضلَّ ضلالاً بعيداً،

 فلا فرق شيئاً بين دعوة المهديّ المنتظَر ودعوة رسل الله إلى البشر فجميعنا ندعو الجنّ والإنس إلى عبادة الله وحده لا شريك له 
وليس إلى تعظيمنا بغير الحقّ من دون الله. وقال الله تعالى: 
 {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ( 25 )}
 صدق الله العظيم [الأنبياء].
 --- 
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.